“التوحد هو بلورة من الكريستال دخلها ابني لتعزله عني وعن العالم وكأنه في كوكب آخر فلا نظرة من عينيه الي عيني , ولا اشارة تصحبني فيها أصبعه لم يرد ولا لعبة نشاطر فيها الخيال ولا قبلة أشعر معها بطعم الدنيا , كم تمنيت أن أكسر تلك البلورة , وأخرج منها صغيري أهزه .. أهزه .. بعنف لعله يعود من منفي توحده وعندما يأست قررت أن أخترق البلورة وأدخل عالم التوحد بحثا عن ابني . “
استوقفتني تلك الكلمات النابعة من قلب الأم . فهي تمثل وتعبر شعور كل أم طفل توحد يصعب عليها التواصل مع ابنها , من هنا بدات الخوض بدراسة العلاج النفسي لاطفال التوحد بالفن , ولفت انتباه الأسرة والمجتمع الي الفن كطريقة ولغة للتواصل مع التوحديين .
بما أن الفن يلعب دورا مهما في حياة الانسان علي مختلف مراحله العمرية , اذ يستطيع الانسان الفنان من خلاله اعادة توازنه الضروري والعقلي , وبما أن العملية الفنية هي عملية اسقاط يلجا اليها الانسان الفنان عندما ينتابه شعور بالضيق والتوتر أو لغرض الهرب من المشاكل الحياتية , ويمكن القول أن العملية الابداعية هي عملية لاشعورية أساسا أي لا تخضع لمنطق العقل والادراك الحسي أي أنها أعلي من مستوي المدركات المحسوسة تصل بالفنان في بعض الاحيان الي مرحلة الابتعاد عن العالم والمادة بكل صنوفها الي الابتعاد الروحي , من هذا المنطلق الفلسفي والواقعي للعملية الابداعية نجد أن عالم الطفولة هو أقرب الي هذه المرحلة من غيره لكون مدركاتهم العقلية لم تكتمل بعد .
ان رسومات الاطفال تكشف جزءا من طريقته في التفكير وتحمل الكثير من مشاعرهم ومخاوفهم , فالطفل يعلمنا بشخصيته بشكل رئيسي من خلال سلوكه لكن الرسم مؤشر آخر يمكن ان يقدم أدلة بالاضافة علي ذلك علي الكثير من مكنونات الطفل . فشخصية التوحديين تبدو غامضة وصعب الوصول اليها , يصعب عليه التعبير عن نفسه , فتعتبر الرسوم بمثابة لغة تعبيرية ومصدرا هاما للبحث السيكولوجي في اطار العلاج يمكن استغلالها لتفسير مايفكر به الطفل التوحدي او مايدور في خلده وهذا يوضح أن الرسم جانبا علاجيا مهما اذ تبين لنا أنه عن طريق اللعب بالرسم يمكننا أن نفهم بعض الامور الأخري الي جانب أنه قد يخدم في تعديل السلوك في المستقبل زذلك في ضوء التحليل النفسي للرسومات . فهي الاداة التي يمكن علي ضوئها أن نحدد لهم فهم الأمور الحياتية وأن نطورها .
هكذا يتضح لنا من خلال الرسم واللعب بالالوان مدي توافق الطفل الاجتماعي ورغبته ومشكلاته الانفعالية والاسقاط اللاشعوري التي تضهي في الرسم والأنشطة التي دفعت الطفل الذي لديه توحد الي أن يرسم ممارسته وذلك راجع في الواقع لاصول التحليل النفسي , فالتعرف علي قدرات أطفال التوحد من خلال اللعب والرسم تساعد علي العمل العلاجي ولا سيما ضمن اطار التدريب والتمرين للاسرة وكذلك من خلال التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الاخرين وهو الشئ الذي يفتقده التوحديين دائما . فيستغل التوحديين هذا التعبير كأسلوب بديل للغة والتواصل اللغوي فهذه الرسوم التي تنبثق عن أذهان الاطفال التوحديين والتي تعبر عن احساسيسهم ومشاعرهم وتخيلاتهم قد لا يفهمونها وكذلك التطورات التي تصاحب تطورهم البيولوجي والفسيولوجي ويجب علي الاسرة والمجتمع أن تعرف أن لهذه الرسوم لغة تفوق في أهميتها ودلالاتها معني المفردات اللغوية التي يعجز الطفل عادة عن التعبير عنها .
نبذة موجزة من المشروع :
أطرح من خلال هذه الدراسة مفهوم اكتشاف الفن لغة تواصل بين أطفال التوحد والعالم الخارجيمن خلال اتباع دراسة العلاج النفسي للاطفال بالفن وتحويل رسوماتهم المبهمة وتجميع رموزهم التعبيرية في عمل فني يعكس للعالم مايدور في خلده وينبثق عن أذهان التوحديين التي تعبر عن أحاسيسهم ومشاعرهم وتخيلاتهم , ولفت انتباه الأسرة والمجتمع لضرورة التعرف علي رسومهم كلغة تواصل بديل للتعبير اللغوي .
الفنانة : بيان عوكل
أنجزت دراستها الأكاديمية في الفنون عام 2013. تعمل في مجال التدريس والدعم النفسي بالفن. في عدد من المعارض الفنية محلياً. “تدريب العلاج النفسي بالفن”. مبادرة د. شيرين يعيش. مركز كينونة للعلاج النفسي بالفن “مجموعة من فنانين APT ART”تنظيم مؤسسة ,شاركت العمل بمجال التدريس والدعم النفسي بالفن لدي مؤسسات المجتمع المحلي والمؤسسات الدولية من ضمنها وكالة الغوث الدولية ” الانروا” ,مؤسسة MERCY CORPS””, العمل ضمن مبادرة ” ITS MAY TURM
1 فكرة عن “تجربة العلاج بالفن مع طفل توحدي”
بيان فنانة صادقة وأعمالها قريبة من القلب وتحية لكم القائمين على المشروع واهتمامكم بالفن، أيضا الفن هو لغة تواصل مع الشعوب.
التعليقات مغلقة.