الشعيبية طلال من الفطرة الى العالمية

البداية و النهاية

يقول الحسين طلال: “توفي والدي، وأمي الشعيبية كانت في الـ15 من عمرها. حتى أنني لا أتوفر على صور له”. وبالنظر لعصاميتها المبكرة، لم تتزوج الشعيبية طلال مرة أخرى، وقررت تكريس حياتها لتربية وتعليم ابنها الوحيد. , توفيت الشيعيبية بعمر 75 في عام 2004 و توفي الحسين طلال عن عمر 80 عام 2022 .

الشعيبية مع ابنها الوحيد الرسام الحسين طلال

الطفولة الصعبة

زواج القاصرات جريمة تعرضت لها الشعيبية طلال نتيجة الجهل و الفقر

عاشت طفولة صعبة باليتم والفقر، اللذان لم يسعفاها لدخول صفوف الدراسة. لكن الإبداع راودها منذ سن مبكرة.”كنا نعيش في خيمة، وكانت والدتي تفرش لي ولإخوتي شيئًا من الغصون بها ورود،وصفت في طفولتها بـ”المهبولة” أو “المجنونة”، لأنها كانت تمضي معظم اليوم في الجري بين الحقول وجمع الورود والأزهار، واللعب بتجمعات المياه. كانت مولعة بالطبيعة، ويبدو أنها أورثتها مخزونًا كافيًا من الإبداع.لم تعرف الشعيبية الطفلة حياةً مستقرة، فما أن قاربت سن العاشرة حتى نُقلت إلى مدينة الدار البيضاء للعيش لدى أحد أخوالها. وفي الـ13 من عمرها زُوّجت من شيخ مسن، لم يلبث أن توفي بعد نحو سنتين من الزواج، مخلفًا الشعيبية، طفلةً أرملة، في حجرها رضيع، هو ابنها الحسين طلال .

حلم يتحول لحقيقة

رأت حلما وهي في سن الـ25. رأت فيه نفسها تحت زرقة السماء بأشرعة تدور وبغرباء يقتربون منها يقدمون لها أوراقا وفرشاة. لم تنتظر كثيرا، مع باكر الصباح سارعت الشعيبية إلى شراء دهان أزرق يستخدم لطلاء الأبواب الخشبية، وراحت ترسم ما يجود به خيالها.

فصارت خادمة بيوت في النهار، ورسامة في بيتها الصغير ليلا. في هذا الجو نشأ ابنها الحسين طلال، ليصير تشكيليا هو الآخر، وربما أيضا، ليفتح باب الصدف لأمه! بدأت الشعيبية طلال بمزاولة الرسم بشكل فطري دون دراسة أكاديمية. تعتبر الشعيبية الفن “موهبة من عند الله”، على عكس ابنها الذي سعى لتلقي تكوينًا أكاديميًا في الفن التشكيلي بفرنسا.

الحلم يتحقق الى واقع

في يوم من الأيام ، جاء ناقد فرنسي اسمه بيير غوديبير، ، إلى منزل الشعيبية. جاء في الواقع للاطلاع على أعمال الابن، الحسين طلال، الذي كان قد شق طريقه فنانا تشكيليا.

لمرح وخفة روح الشعيبية وربما للصدفة التي شاءت أن تعلن بداية مسارها، أخبرت الناقد الفرنسي بأنها ترسم أيضا!

لم تكن خربشات الشعيبية مألوفة، ولم تكن متأكدة من أنها لوحات نفاذة إلى القلوب. حين كشفت عنها للناقد الفرنسي، انبهر أيما انبهار إذ اكتشف أنه يقف أمام فنانة “نابغة”. منذ تلك اللحظة، آمن بموهبتها وقدم لها يد العون، فانقلبت حياة الشعيبية رأسا على عقب ,وصار معرضها الأول 1966 في الدار البيضاء

تجربتها قوبلت بكثير من الترحيب عالميا، لكن رُفضت الشعيبية طلال من طرف تشكيليين مغاربة.

  • هؤلاء كانوا ينضوون تحت لواء مجموعة “الدار البيضاء 65″، وانتقدوا الاهتمام المفرط بالفن الفطري ومحاباته من قبل الغرب،
  • كما اعتبروا أن عقلية استعمارية تقف وراء ذلك، تريد أن تجعل من المغرب منتجا للبدائي والساذج، بل وعاجزا عن تأسيس تجربة حداثية تعبر عن هويته وخصوصيته
  • بعض التشكيليين المغاربة كانوا في الحقيقة يهابون ما بلغته الشعيبية من عالمية ومن نفوذ إلى قلوب الناس، فكانوا لا يرحبون بفكرة القيام بمعارض جماعية تجمع بين لوحاتهم ولوحاتها؛ فالشعيبية، بكلمة، كانت لا تُزاحَم.

الطريق الى العالمية

تعتبر من أوائل من اقتحموا المتاحف الدولية وصالات العرض في العالم. الشعيبية منذتعتي أول معرض لها سنة 1966،و عرضت لوحاتها في مدن عالمية ، مثل كوبنهاغن عام 1969، وإيبيزا عام 1974، وباريس

حصلت الشعيبية على الميدالية الذهبية للجمعية الأكاديمية الفرنسية للتربية عام 2003. ف، أدرج قاموس “لاروس الفن بالعالم” اسمها في طياته، كما خصص قاموس أكسفورد الدولي للأعلام، مادة تعريفية بالشعيبية طلال عرفانا بفنها وتاريخه.

…………….

شارك مع من تحب:

مقالات متعلقة

موجة فن – معرض الموهوبين 2

350 لوحة من أصل 550 , تم اختيارهم بعناية من شتى أنحاء الوطن العربي من موهوبين مبدعين ..كان الهدف من هذا المعرض تحفيز الفنان على

مفاتيح نجاح التصميم

يعتبر التصميم هو نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية لجميع الفنون والاعمال الحرفية بل يكاد ان يتعدى ذلك الى جميع مجالات الحياة . فكل ما ننوي القيام

الفن بالزجاج – مقدمة تاريخية –

المقدمة للزجاج استعمالات كثيرة لا يمكن حصرها؛ فهناك من الأطعمة ما يحفظ في جرار زجاجية، كما يتناول الناس بعض أنواع الشراب من كؤوس زجاجية. وهناك

ماهو العلاج بالفن؟

العلاج بالفن هو أحد تخصصات علم النفس العلاجي و علم النفس الجنائي  يدمج بين علم النفس و الفن( بانواعه من رسم و أدب و قراءات

الفنون البصرية الفلسطينية (II)

الرواد (1955-1965) مرّ عقد كامل على سقوط فلسطين قبل أن تظهر الإشارات الأولى لعودة الفلسطينيين للرسم. ومثّل الرسامون  القلائل الذي وجدوا أنفسهم لاجئين في بلدان