القراءة حبر النور الأبيض الذي يبدد كل الظلام…القراءة ظلت منذ ولادتها شعار الناجحين و الأحرار…كلنا نحن صغار نحبو على مدارج العلم، لكن بالقراءة نصعد، نرتقي و نبلغ القمم ، و كما يقال فالقراءة هي الوسيلة الوحيدة التي تحيينا حياة الآخرين و تعطينا صوتهم و تسكننا روحهم .
و قد اتخذت القراءة كشكل من أشكال العلاج النفسي حيث سميت ب “الببليوثيرابيا” أو “العلاج بالقراءة” ، وهو فن يعتمد على الفطنة، البصيرة و الشفافية، يقوم من خلاله موجه نفسي أو شخص ذو تجربة بمساعدة المريض على القراءة لعلاج عيوب شخصيته أو مشاكله النفسية.
و يعتبر العلاج بالقراءة مفهوما قديما أشار إلى فائدته المصريون و الإغريق، وتتعد أساليبه فتارة يكون فرديا و أحيانا جماعيا.
و أنا شخصيا ساعدتني القراءة كثيرا على تهدئة أعصابي و التخفيف من حدة التوتر في فترة الحجر الصحي ، ففي لحظات نوم الخلق و هدوء الكون كنت أنحني على عشيقي و عيناي ساهمتان فيه، و شلالات روحي تكاد تنفجر…فلا يسمع إلا صوت تحريك الصفحات ، وبين السطور و الصفحات وجدت الحياة، فكما قال الشاعر:” الكتَابُ هُو الجَليسُ الذي لاَ يُطريكَ والصَّديقُ الذي لَا يُغريكَ والصَّاحبُ الذي لاَ يُريدُ استخرَاجَ مَا عندَكَ بالمَلَق ، الكتَابُ لاَ يُعَاملكَ بالمَكر ولاَ يَخدَعكَ بالنّفَاق ولا يحتَالُ عَلَيكَ بالكَذب ،الكتَابُ هُوَ الذي إن نَظَرتَ فيه أطَالَ إمتَاعَكَ وشَحَذَ طبَاعَكَ وبَسَطَ لسَانَكَ وجَوَّدَ بَنَانَكَ وفَخَّمَ أَلفَاظَكَ وبَحبَحَ نَفسَكَ وعَمَّرَ صَدرَكَ ومَنَحَكَ تَعظيم العَوَام وصَدَاقَةَ المُلُوك،
و هُوَ الذي إن نَظَرتَ فيه عَرَفتَ به في شَهر مَالَا تَعرفُهُ من أفوَاه الرجَال في دَهر مَعَ السَّلَامَة من مُجَالَسَة البُغضَاء ومُقَارَنَة الأغبيَاء، و الذي يُطيعكَ باللَّيل كَطَاعَته بالنَّهَار ويُطيعكَ في السَّفَر كَطَاعَته في الحَضَر ولا يَعتَلُّ بنَوم ولا يَعتَريه كَــــلَـــلُ السَّهَر “، و صدقوني إن وراء كل دمعة بسمة، ووراء كل خوف أمان ،ووراء كل فزع سكينة، ووراء كل قراءة حياة .
الكاتبة : مريم الدحماني
من دولة المغرب الحبيبة وتدرس حاليا بالسلك الثانوي التأهيلي (شعبة : علوم فيزياء باللغة الفرنسية ) ، كتبت عددا من الروايات والقصص القصيرة، شاركت في مجموعة من الأنشطة الثقافية و الفنية. أطمح في أن أنتج برنامجا إعلاميا خاصا بها.
